في سورة يوسف ع هناك انماط متعددة من الكيد ، كيد اخوة يوسف في القائه في غيابة الجب ، وكيد زليخا امرأة العزيز حين غلقت الابواب منبهرة بوسامة يوسف ،من اجل تحقيق مآربها الذاتية ولذائذها ومتعها الخاصة ، ولا يتحقق ذلك الا بارتكاب الكبيرة ـ الزنا ـ

ويبدو لي ان تغليق الابواب كانت المرحلة الاخيرة من المراودة ، اذ لا ريب ان زليخا قد قامت بمحاولات اغراء كثيرة قبل اللجوء الى تغليق الابواب ،ولكن الانسان الصالح ـ يوسف ـ لم يخضع لكل محاولات الاغراء ، ولكنه مع تغليق الابواب : هرب ، وما كان امامه سوى اتهام يوجه له ، ومن ثم ذهاب للسجن بضع سنين .

ويبدو لي ان قضية زليخا والانسان الصالح لا تزال قائمة ، فهي ليست مجرد حكاية يسردها القرآن الكريم، للموعظة فحسب ، ولكنها في تقديري هي حكاية الصراع الضدي بين مكونين متعارضين في انماط الحياة المختلفة …سياسية واجتماعية ….

ولو تعرضنا الى العمل الوظيفي في مؤسسات الدولة المختلفة فان الانسان الصالح يتعرض كل يوم لمغريات كثيرة تعرض عليه ، أو ضغوط شديدة تمارس ضده ، ويمكن للمغريات ان تحقق له مصالح مادية وذاتية كثيرة ، وهناك من يقع تحت تأثيرها ، راغبا مرة ، ومكرها مرة ، وهناك من يتأبى فيعيش صراعا مع الاخر الغاوي .

وقد تبدا امور الغواية بأمور صغيرة تافهة ، ولكنها تتعاظم وتتراكم ، اجازة مرضية دون وجه حق ، ترك واجب ، والامر مجرد امر موهوم لمغادرة المهام المكلف بها ، وايفاد خارج العراق وفي كردستان لغير المختص أو من لا يستحق ، أو تعيين لمن لا يستحق التعيين بحكم وساطة من مسؤول صغير أو كبير ، ويحرم من ذلك اصحاب الاستحقاق من المواطنين المساكين الذين ليس لهم سوى تقليب وجوهم في السماوات السبع !!!

وتستمر معركة الصراع الضدي ويحاول الغواة المدنسون بادران الرذيلة اغراءالصالحين واغواءهم وتهديدهم ،وحين تصل الامور ذروتها ..تغلّق الابواب وليس امام الصالحين ـ احيانا ـ في ظل غيبة قانون لا يحمي الصالحين ، ولا كتلة أو كيان يسندهم ، اقول ليس امام الصالحين سوى الصبر ، ومن يدري قد يقع منهم تحت طائلة امور اخرى !!!

تلك هي المؤامرة المستديمة التي يعيشها الشرفاء ازاء الغواة الذين يسعون جاهدين لتحقيق مآربهم ،

وهكذا تستمر زليخا الماضي ( امرأة العزيز ) وزليخا الحاضر (نساء ورجالا ) في اغواء الصالحين ، وليس امام الصالحين سوى الصبر ، ومن يدري فقد يفضلون الهجرة والمنفى … هربا بجلودهم مما لا تحمد عقباه

زليخا تتكرر …. والمؤامرة تتكرر ايضا

والله يرى .. وهو المعين